إسرائيل ترحل الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ إلى بلدها
إسرائيل ترحل الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ إلى بلدها
رحّلت السلطات الإسرائيلية، الثلاثاء، الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ إلى بلدها، بعد توقيفها مع عدد من الناشطين الدوليين المؤيدين للفلسطينيين على متن السفينة الشراعية "مادلين"، خلال محاولتهم كسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة.
وذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان، أن الناشطين، الذين ينتمون إلى جنسيات فرنسية وألمانية وتركية وسويدية وإسبانية وهولندية وبرازيلية، جرى نقلهم إلى مطار بن غوريون قرب تل أبيب، حيث تم ترحيل من وافق على مغادرة البلاد، في حين أُحيل من رفضوا التوقيع على استمارات الترحيل إلى إجراءات قانونية قد تفضي إلى طرد قسري.
وأوضحت الوزارة عبر حسابها في منصة "إكس"، أن "كل من يرفض توقيع وثائق الترحيل ومغادرة إسرائيل سيُحال إلى سلطة قضائية إسرائيلية بموجب القانون"، مؤكدة أن الناشطين التقوا ممثلين دبلوماسيين عن دولهم.
وكانت السفينة "مادلين"، المستأجرة من قبل تحالف "أسطول الحرية" – وهو مبادرة دولية سلمية أُطلقت عام 2010 لدعم الفلسطينيين – قد انطلقت من إيطاليا في الأول من يونيو في رحلة بحرية إنسانية نحو غزة، في خطوة رمزية لكسر الحصار المستمر. واعترضتها البحرية الإسرائيلية يوم الاثنين في عرض البحر، على مسافة نحو 185 كيلومترًا غرب سواحل القطاع.
تونبرغ تتهم إسرائيل بـ"الخطف"
اتهمت غريتا تونبرغ، لدى وصولها إلى مطار شارل ديغول في فرنسا قبل توجهها إلى ستوكهولم، إسرائيل بارتكاب "جريمة خطف في المياه الدولية"، مؤكدة أن ما حدث "انتهاك متعمد آخر يُضاف إلى سلسلة لا تحصى من الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل ضد القانون الدولي والحقوق الإنسانية".
وأوضحت الناشطة السويدية البالغة من العمر 22 عامًا للصحفيين في ستوكهولم مساء الثلاثاء أنها لم تشعر بالخوف من الهجوم العسكري الإسرائيلي بقدر شعورها بـ"الخوف من صمت العالم على ما يجري من إبادة جماعية في غزة"، على حد وصفها.
وضمت القافلة أيضًا النائبة الفرنسية-الفلسطينية في البرلمان الأوروبي ريما حسن، إلى جانب صحافيين اثنين وستة فرنسيين، وفق ما أعلنت الخارجية الفرنسية.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو أن أحد الفرنسيين وافق على الترحيل الفوري، في حين رفض الباقون مغادرة البلاد دون مراجعة قضائية.
تنديد دولي واسع
نددت تركيا باعتراض القافلة ووصفته بأنه "هجوم شنيع"، فيما أدانت إيران ما جرى وعدّته "عملاً من أعمال القرصنة في المياه الدولية".
يُذكر أن السفينة "الضمير"، التابعة لنفس التحالف، كانت قد تعرضت لأضرار مشابهة قبالة مالطا في مايو الماضي خلال مهمة مماثلة، وسط اتهامات غير مؤكدة لإسرائيل بشن هجوم بطائرة مسيّرة.
واستحضر العديد من النشطاء هجوم عام 2010 الذي شنته قوات كوماندوس إسرائيلية على السفينة التركية "مافي مرمرة"، والذي أسفر حينها عن مقتل عشرة ناشطين أتراك كانوا على متنها ضمن محاولة مماثلة لكسر الحصار البحري عن غزة.
ويُبرر الجيش الإسرائيلي حصاره المفروض على القطاع – والمستمر منذ ما قبل اندلاع الحرب الأخيرة – بأنه ضروري لـ"منع تهريب الأسلحة إلى حركة حماس"، المصنّفة كمنظمة "إرهابية" من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
الظروف المأساوية في غزة
تواجه غزة وضعًا إنسانيًا بالغ الخطورة بعد أكثر من 20 شهرًا على اندلاع الحرب، فقد حذرت الأمم المتحدة من مجاعة تهدد السكان، مؤكدة أن جميع سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وكانت إسرائيل قد منعت دخول المساعدات لأسابيع طويلة قبل أن تسمح مؤخرًا باستئنافها بشكل جزئي، عبر "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي كيان جديد أُسس بدعم من إسرائيل والولايات المتحدة، إلا أن المنظمات الدولية رفضت التعاون معه بسبب مخاوف تتعلق بالحياد والشفافية.
إبادة وجرائم حرب
في تقرير صادم صدر الثلاثاء، أكدت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة أن الهجمات الإسرائيلية الممنهجة ضد المدارس والمواقع الثقافية والدينية في غزة ترقى إلى "جرائم حرب" و"جريمة إبادة".
وجاء في البيان أن "إسرائيل دمّرت النظام التعليمي في غزة وتسببت في تدمير أكثر من نصف المواقع الدينية والثقافية، في إطار هجوم واسع النطاق لا هوادة فيه ضد السكان المدنيين الفلسطينيين".
ولم تصدر السلطات الإسرائيلية أي رد رسمي على هذا التقرير حتى لحظة إعداد هذا الخبر، رغم طلبات متكررة من وكالة فرانس برس للتعليق.
حصيلة دامية للحرب
تشير أحدث الإحصاءات إلى أن هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 أسفر عن مقتل 1219 إسرائيليًا، معظمهم من المدنيين، فيما لا يزال 54 رهينة محتجزين في غزة، وفق الأرقام الرسمية الإسرائيلية.
وفي المقابل، تفيد وزارة الصحة التابعة لحماس – والتي تعتبر الأمم المتحدة بياناتها موثوقة – أن أكثر من 54,981 فلسطينيًا استشهدوا، معظمهم من المدنيين، بفعل الهجمات الإسرائيلية منذ بدء الحرب، وسط استمرار الغارات المكثفة وغياب أفق الحل السياسي.